الرحابنة وفيروز حين أسكت الناي صوت المدافع :

ف أتون الحرب الأهلية بلبنان كان الإقتتال المذهب والطائفي هو العنوان الأبرز ،تراجعت بيروت عاصمة الثقافة والفن والجمال إلى الوراء وانتصر لون الدم على ألوان الحياة . وحدها فيروز والرحابنة كان صوتها وألحانهم من ينثر الورود في وجه الطائفية المقيته ،أيام بشير لجميل والكتائب والإجتياح الإسرائيلي في مطلع الثمانينات. “أعطني الناي وغني ،لأجلك يامدينة الصلاة أصلي ،بحبك يالبنان،سألوني الناس ‘شايف البحر شو كبير،زوروني كل سنة مرة ،سكن الليل ،وكيفك انت”. كل هذه الأغاني وغيرها ،سطرت ملاحم النفسية البشرية المتنازعة بين الأمل واليأس،بين الوحدة والإنفصال،نعم انتصرت فيروز ومعها ابنها زياد الذي رحل اليوم وقبله زوجها عاصي وأخوه منصور على كل هذه التعقيدات السياسية في المشهد اللبناني والعربي الملتهب. رشفة القهوة الصباحية أو كؤوس الشاي لاتكتمل دون أن تصدح فيروز معلنة يوما جديد في دروب الحياة ،قدم الرحابنة ومعهم جارة القمر موسيقى المشرق العربي المتصالحة مع التجديد والحداثة والإحتفاظ باللحن العربي بكل أصالة،حتى بعد أن حمل زياد المشعل قبل رحيله ،كان الوقوف مع الكادحين ووهجه اليساري مسيطر على إخفاقات الساسة وتلونهم المستمر،غادر كل الرفاق ومازالت فيروز على جسر اللوزية تغدق الحب والوطنية على كل المجروحين تقف شامخة في وجه الحروب الانفصالية وشعارات التقسيم ،السياسة هزمت أمام الفن الملتزم الذي رفض الخضوع ومصافحة البندقية ،فالحياة أسمى وأنقى دوما من كل الخونة وأعداء الجمال .