الشباب وعصرنة ورقمنة الإدارة/ ستُّ سنوات من الإنجاز المتواصل محمد باباه/ كاتب صحفي

لو أرجعنا النظر إلى حال الشباب والإدارة، قبل عام 2019 لبدا لنا الفارق بارزا، نظرا لما شهده هذان القطاعان، على غرار غيرهما من تطور وازدهار، حيث مكن للشباب كثيرا وتوسع إشراكه، واستفاد من فرص التشغيل. فيما قطعت الإدارة في مجال العصرنة والرقمنة أشواطا لم تصلها بعد، بعض دول الجوار والإقليم.
فعلى مدى 5 أعوام هي مأمورية رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني الأولى، وبعد مضي عام من مأموريته الثانية (مأمورية الشباب وبالشباب) استحدثت برامج دفعت بالقطاعين قدما نحو مزيد من التقدم والنماء.
مأسسة العمل الشبابي:
حمل برنامج تعهداتي لمأمورية فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وعودا كبرى، استهدفت دعم الشباب في الصميم، من فتح فرص للتشغيل عبر اكتتابات استفاد منها الآلاف، إضافة إلى ترفيع وتطوير المرافق الشبابية في القطاع (الوكالة الوطنية للتشغيل-مديرية الخدمة المدنية)، مما ساهم في تقليص البطالة عبر الانخراط في أنشطة تطوعية ذات مردودية معتبرة، وتوفير فرص للتشغيل لحملة الشهادات في مجال الزراعة وغيرها.
أرقام:
منتصف عام 2020 تم إنشاء برنامج وطننا، وهو البرنامج الذي عبأ 3000 شاب لعيوا أدورا تطوعية ريادية، في حملات التوعية والتحسيس، إبان ظهور جائحة كورونا، ومساعدة الأطقم الطبية والصحية، طيلة 3 أشهر على عموم التراب الوطني.
فتح مجال التطوع أمام 300 شاب، للإشراف والمساعدة في تنظيم دورة كأس أمم إفريقيا للأصاغر الذي استضافته بلادنا، وتم تنظيمه بين مدينتي نواكشوط ونواذيبو.
تشكيل لجان شبابية بالمئات، ساهمت في حملات التحسيس حول خطورة انتشار المخدرات في الأوساط الشبابية، ومحاربة الهجرة غير الشرعية، والتبرع بالدم والنظافة وغيرها.
تعبئة 6000 آلاف شاب متطوع في العديد من الفعاليات الأخرى، ذات اهتمامات مختلفة.
تطوير ودعم المجلس الوطني للشباب، وتوسيع أفق اختصاصه.
تمكين الشباب في مأمورية الشباب وبالشباب:
أطلق الرئيس غزواني ضمن برنامجه طموحي للوطن اسم مأمورية “الشباب وبالشباب” على عهدته الثانية، في إشارة واضحة للأولوية التي يوليها للشباب، وتوج ذلك بإعلان وزارة تمكين الشباب، التي شرعت في إعداد برامج وخطط كبرى تتقصى مشاكل الشباب، وتعمل على فتح الفرص أمامهم.
خطوات ملموسة:
استحداث برنامج الخدمة المدنية، والدخول في مرحلة جديدة مع بداية المأمورية الثانية لصاحب الفخامة، وفتح آفاق أرحب في مجال التطوع الشبابي، ذي المردودية الإيجابية على الشباب.
تمت ترقية الوكالة الوطنية للتشغيل بعد استحداث اسمها، لتتوسع من 5 وكالات إلى 22 وكالة فرعية في عموم التراب الوطني.
تحديث قاعدة البيانات للوكالة والتي تضم الآن 240 ألف شاب يمثلون كفاءات مختلفة، ما يسهل تحديد حاجة السوق من التخصصات، وفتح الفرص أمام المستحقين.
تسهيل طريقة البحث عن فرص العمل، عبر استحداث نظام رقمي دقيق .
تمت إضافة الشباب خريجي المحاظر، وأصحاب الهمم، إلى خريجي التعليم العالي، والتكوين المهني، والبدون مؤهل، لتستفيد هاتات الفئتان، من فرص التشغيل لأول مرة.
افتتاح وكالة جامعية تواكب الشباب قبيل التخرج لتدريبهم وتكوينهم، في المهارات الأساسية في الحياة، وتزويدهم بخبرات مهنية ضرورية لبيئة العمل.
تصميم برنامج نموذجي مكن من إدماج 102 من حملة الشهادات في مجال زراعة الأرز.
مواكبة إجراء سياسة محاربة الهجرة غير الشرعية، التي أثرت على السوق المحلية، بتشجيع وتكوين الشباب على فتح مشاريع صغيرة كمجازر اللحوم وغيرها.
خلق 306 فرصة عمل في مجال الزراعة منها 102 رائد أعمال، و204 عامل زراعي محلي.
إشراك سياسي غير مسبوق.
أعلن عن لائحة انتخابية خاصة بالشباب، لأمرة منذ فجر العهد الديموقراطي، خلال انتخابات 2023، وهي خطوة سياسية استبشر بها الشياب، الذين دخلوا في تنافس محموم ضمن أول سباق انتخابي، مكن عدة شباب من ولوج البرلمان، والمشاركة في صنع القرار، عبر النافذة التشريعية للبلد.
ويجري الاستعداد الآن لتنظيم مؤتمر الشباب، الذي سيجمع رئيس الجمهورية بالنخبة الشبابية الوطنية، حيث سيفتح المجال أمام كل مقاطعات الوطن، للدفع بشبابها لحضور هذه الفعالية المهمة، والتي ستكون منبرا مباشرا يقاسم فيه رئيس الجمهورية، الشباب اهتماماتهم دون وسيط .
عصرنة ورقمنة الإدارة:
في مجال عصرنة ورقمنة الإدارة عرفت البلاد خلال مأمورية الرئيس غزواني الأولى، ثورة في هذا المجال، مما ساهم في تقريب الإدارة كثيرا من المواطن، وتبسيط الإجراءات الإدارية عبر رقمنتها، وتسهيل الوصول إليها.
جهود جبارة ساهمت في جلب ريع اقتصادي معتبر، مع ما أضافته من خدمات جليلة غير متوفرة لكثير من دول العالم اليوم.
منهجية التحول -خماسية الرقمنة:
إرساء مقاربة للتحول الرقمي، تقوم على خمسة ركائز هي:
1. ربط أنظمة الدولة: تسريع تبادل المعلومات بين الإدارات والهيئات العمومية – الحد من التكرار – تعزيز دقة البيانات الحكومية – تقديم خدمات متكاملة للمواطن – تسهيل مراقبة الأداء الحكومي – تحسين فعالية السياسات العمومية.
2. رقمنة الإجراءات: اختصار الوقت – تقليل التكلفة- الحد من البيروقراطية – رفع مستوى الشفافية – تعزيز ثقة المواطن في الإدارة من خلال تتبع معاملاته آنيا وآليا.
3. خدماتٌ محورُها المواطن: التركيز على احتياجات المواطن وأولوياته – جعل الخدمات العمومية أكثر ملاءمة وشمولا وإدماجا – رفع مستوى الرضا عن الأداء الحكومي.
4. بنية تحتية سيادية: السيادة على البيانات – حماية البيانات- تعزيز استقلالية الدولة في إدارة مواردها الرقمية – استمرارية الخدمات حتى في حالة الطوارئ.
5. منظومة وطنية داعمة للقطاع الخاص: تحفيز ورعاية الشركات الناشئة – تحسين مستوى تنافسية موريتانيا إقليميا – زيادة جاذبية القطاع الرقمي للاستثمارات.
البنية التحتية وسيادة البيانات:
دشن رئيس الجمهورية خلال مايو الماضي في نواكشوط، مركز نواكشوط للبيانات الذي يشكل ترجمة فعلية لرؤية فخامته، في مجال التحول الرقمي، وعصرنة الإدارة، وتعزيز السيادة التكنولوجية. وهو محطة رئيسية في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي.
صُمم مركز نواكشوط لتوفير بيئة آمنة، موثوقة، وعالية التوافر لاستضافة البيانات الحكومية، وبيانات مؤسسات القطاع الخاص، بدل استضافتها في الخارج، بعيدا عن المتناول.
ولتعزيز هذه البنية التحتية الرقمية الهامة، بدأ العمل لإنشاء نظام وطني لسحابة إلكترونية وطنية خاصة ببلادنا.
أما شبكة الإنترانت الإدارية عبر الألياف الضوئية فتغطي حاليا أكثر من 344 مبنى إداريا عموميا في نواكشوط، وسيتم توسيعها لاحقا لتشمل المباني الإدارية في الولايات.
وإلى الساحل، وضع فخامة رئيس الجمهورية، قبل أيام، حجر الأساس لبناء كابل بحري ثان سيربط موريتانيا بالأنترنت العالمية، عبر نواذيبو، في غضون ٢٠ شهرا.
وبشأن مشروع تغطية المناطق الحدودية الشرقية والجنوبية-الشرقية لبلادنا بشبكة الاتصالات الوطنية، فقد اكتمل المحور الأول من المشروع تماما، فيما وصلت نسبة إنجاز المحورين الأخيرين منه نسبة 45٪، ليستفيد منه أكثر من ربع مليون مواطن، إثر استثمار إجمالي تجاوز ١.٢ مليار أوقية جديدة.
أمن المعلومات وتحصين الفضاء السيبراني:
ولأن الأمن السيبراني هو خط الدفاع في عملية التحول الرقمي، أولاه القطاع عناية خاصة.
وفي هذا الصدد أنجزت الوزارة المرجع العام للأمن السيبراني، الذي يحدد معايير الأمان المعلوماتي على مستوى الإدارة العمومية. كما اكتملت دراسة إنشاء الفريق الوطني للاستجابة للحوادث السيبرانية (RIMCERT) ومركز العمليات الأمنية (SOC). كما تم إنشاء خلية لمراقبة المحتوى الرقمي ومحاربة الجريمة السيبرانية، وآلية للرصد على الشبكة العنكبوتية المظلمة (dark web)؛ وهما تعملان حاليا على مدار الساعة لرصد ومعالجة كل المخاطر السيبرانية على الفضاء العام.
برامج خدمية :
إنشاء تطبيق هويتي الرائد في تأمين وتسريع الحصول على الوثائق الثبوتية.
تدشين منصة عين كنافذة للتواصل المباشر بين المواطن والحكومة، حيث تم عن طريقها حل آلاف المشاكل، والتدخل السريع لملافاة بعض الأعطال والعوائق الخدمية.
بوابة «خدماتي» – حكومتك في جيبك:
تم إطلاق بوابة “خدماتي”، الإلكترونية الموحدة للخدمات الحكومية المرقمنة، وإتاحتها عبر فضاء الإنترنت ليتمكن الجميع من ولوجها والاستفادة من خدماتها.
تطوير واستضافة الأمن المروري، ما مكن من ضبط نظام السير والمخالفات المرورية.
هذا إضافة إلى استحداث برامج أخرى رقمية، سهلت ولوج المواطن للإدارة، ومكنته عبر ضغط زر في هاتفه، من الاستفادة من خدمات تهمه في ثوانٍ معدودة، بعد أن كان يدخل في طوابير طويلة لساعات وريما أيام ليتمكن من الحصول عليها.
في المحصلة :
يمكن الجزم بأن إنجازات رئيس الحمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني خلال مأموريته الأولى وبعد انقضاء عام من مأموريته الثانية، في قطاعي الشباب وعصرنة ورقمنة الإدارة، لم تعهدها البلاد من قبل، ومما لاشك أنها ستؤسس لنهضة نماء في المجالين، ترتفي بالبلاد وتضمن لها المزيد من الرقي والازدهار خلال المرحلة القادمة.
محمد باباه.
كاتب صحفي.