رئيس الجمهورية خلال افتتاح المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم: ترسيخ روح الحوار والحرص على المصالحات من ألح أولويات القارة الإفريقية

أكد فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، أن ترسيخ روح الحوار والحرص على المصالحات أصبح اليوم من ألح وآكد أولويات القارة الإفريقية، نظرا لما تشهده من حروب ونزاعات واضطرابات اجتماعية وتنام مخيف لظواهر التطرف والعنف والإرهاب، معتبرا أن أنجع السبل لمواجهة التدهور المتعاظم للأمن والاستقرار في المجتمعات الافريقية هو العمل على جعل الحوار مرتكزا أساسيا في منظومات حكامتها السياسية والاجتماعية.

وأضاف خلال حفل افتتاح الملتقى الخامس للمؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، اليوم الثلاثاء في نواكشوط، أن الحوار يكتسي أهميته البالغة من كونه يرسخ قيم الانفتاح والتسامح والاعتدال ويحرر من أوهام الخوف المتبادل ويؤسس لبناء ثقة متينة تكون دعامة واسعة لتعايش سلمي مستدام.

وفيما يلي نص كلمة فخامة رئيس الجمهورية:

” بسم الله الرحمن الرحيم،

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه،

– صاحب المعالي، السيد جانوك وديو سانو، وزير الدولة المستشار الخاص، ممثل صاحب الفخامة السيد آلاسان واتارا، رئيس جمهورية كوت ديفوار الشقيقة،

– معالي الوزير الأول،

– السيد رئيس الجمعية الوطنية،

– السيد رئيس المجلس الدستوري،

– السيد زعيم المعارضة الديمقراطية،

– السادة والسيدات أصحاب المعالي الوزراء،

– السادة والسيدات رؤساء الهيئات الأمنية والعسكرية،

– السادة والسيدات أصحاب السعادة السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية،

– سماحة فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى أبوظبي للسلم،

– السيد الوالي،

– السيدة رئيسة المجلس الجهوي لنواكشوط،

– السادة المنتخبون نوابا وعمدا،

السلام عليكم ورحمة الله،

– السادة والسيدات ممثلو المنظمات المعتمدة في بلادنا،

– فضيلة الأخوة العلماء،

– أيها السادة والسيدات،

– أيها الحضور الكريم،

يطيب لي بداية أن أرحب بصاحب المعالي السيد جالو كواديو أوسو، وزير الدولة، المستشار الخاص، ممثل صاحب الفخامة، السيد آلاسان واتارا، رئيس جمهورية كوت ديفوار الشقيقة، في هذه النسخة الخامسة من المؤتمر الإفريقي لتعزيز السلم، معربا من خلاله لأخي صاحب الفخامة عن اعتزازنا بمتانة الروابط التي تجمع بلدينا الشقيقين والتزامهما المشترك بالسلام والتنمية في قارتنا الافريقية.

وإنني لجازم بأن مشاركة جمهورية كوت ديفوار في هذا المؤتمر المنعقد تحت شعار: “القارة الإفريقية: الحوار وراهنية المصالحات”، سيشكل قيمة مضافة متميزة بحكم النجاح الباهر الذي حققه صاحب الفخامة السيد آلا سان واتارا بإحرازه لمصالحة في بلاده بنحو أسس لأمن واستقرار مستدامين ووضع جمهورية كوت ديفوار على مسار تنموي متصاعد.

كما يطيب لي التوجه بالشكر الجزيل إلى فضيلة العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى أبوظبي للسلم على جهوده الكبيرة للتأصيل لثقافة السلام والعمل على نشر روح الوئام وقيم الاعتدال والتآخي التي هي جوهر ديننا الحنيف.

ويسرني كذلك أن أرحب بكافة ضيوفنا الكرام من وزراء وعلماء أجلاء وشخصيات سياسية ومنظمات دولية معولا عليهم كثيرا في إنجاح أعمال هذا المؤتمر.

أيها السادة والسيدات،

إن ترسيخ روح الحوار والحرص على المصالحات أصبح اليوم من ألح وآكد أولويات قارتنا الإفريقية نظرا لما تشهده من حروب ونزاعات واضطرابات اجتماعية وتنام مخيف لظواهر التطرف والعنف والإرهاب، فمن أنجع السبل لمواجهة التدهور المتعاظم للأمن والاستقرار في مجتمعاتنا الافريقية العمل على جعل الحوار مرتكزا أساسيا في منظومات حكامتها السياسية والاجتماعية.

لم يعد لنا بد من استلهام ما يسخر به تاريخنا الإفريقي من تقاليد وممارسات اجتماعية عريقة في النقاش والمصالحات وفض النزاعات بالسبل السليمة تثبيتا للسلم الأهلي وترسيخا للانسجام المجتمعي وإسهاما في قيام الأمن والاستقرار عموما.

وإن الحوار ليكتسي أهميته البالغة من كونه يرسخ قيم الانفتاح والتسامح والاعتدال ويحرر من أوهام الخوف المتبادل ويؤسس لبناء ثقة متينة تكون دعامة واسعة لتعايش سلمي مستدام.

ولذا حوّلنا في الجمهورية الإسلامية الموريتانية الحوار من مجرد آلية استثنائية يصار إليها كمنفذ أخير للخروج من حاد الأزمات إلى جزء أصيل من نمط حكامتنا السياسية والاجتماعية، ذلك أن الحوار من أقوى دعائم قيام مجتمع متصالح مع نفسه منسجم ومستقر، وهو بهذا المعنى يستوجب التزاما جماعيا وعملا دؤوبا للوقوف بحزم في وجه العاملين على نشر الكراهية وتخويف مكونات المجتمع بعضها ببعض.

كما يتطلب العمل المكثف على تقليص الهوة بين مختلف فئات المجتمع والتصحيح التدريجي لميزان العدالة الاجتماعية بمكافحة الفقر والإقصاء وبترسيخ دولة القانون والمساواة في الكرامة والحقوق وهو ما عملنا ونستمر في العمل عليه منذ بداية مأموريتنا.

وقد عززنا جهودنا في هذا السياق بعمل مكثف على تغيير العقليات والمسلكيات الاجتماعية لاستئصال الصور النمطية الزائفة والتراتبيات الوهمية ومختلف أشكال التعصب والتطرف، وعبأنا في سبيل تحقيق هذا التحول المجتمعي الضروري جهود علمائنا وأئمتنا ومثقفينا وقادة الرأي منا، فلا أقوى وأنجع من جهود هؤلاء في نشر ما يتطلبه هذا التحول المجتمعي المنشود من ترسيخ ثقافة وقيم التسامح والاعتدال.

ولذا فنحن نعول كثيرا على إسهامات مؤتمركم هذا في نشر هذه القيم تعزيزا لثقافة الحوار والمصالحة والسلام.

وإنني إذ أعلن على بركة الله افتتاح النسخة الخامسة من هذا المؤتمر لأرجو لأعمالها كل التوفيق والنجاح.

وأشكركم

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.