ويحكم هذا محمدْنَ!

أزعج سمعي طنين ذباب ألكتروني في حر هذه الأيام، مفاده ما يتقيؤه هولاء من نقدٍ غير بناء لشيخ الدعاة المضحين، وسيد الزهاد المخبتين محمد ولد سيدي يحيى، أو (محمدنَ) كما يسميه من تصدح في أذنه هيللة أبناء الشيخ محمد المصطفى ولد سيدي يحيى وتلامذته.

مهلا في المزايدة ورويدا في الحسابات الخاطئة، فما تدرون عمن تتحدثون، حديث خُرافة، وتفكير سخافة!.

إنه محمدْنَ؛ شيخ الدعوة في شبابه، الذي أفناه لبثّ كلمة الحق، ونشر السلم الأهلي، حينما كانت القلوب تبلغ الحناجر، تحسبا عن يقين بقيام حرب أهلية، أطرافها مكونات الشعب الموريتاني المسلم والمُسالم.

إنه محمدْنَ، الذي يصدح منذ سبعينيات القرن الماضي، بالدعوة بلسان صِدق، وقلب رِفق، فلم ينفضّ الناس من حوله؛ أسودهم قبل أبيضهم.

إنه محمدْنَ الذي آثر الدعوة “اليابسة” لا أموال السلطان تشوبها، أو تمويلات الخليج تبلّها، ولا حتى هينمات المريدين تسوق إليها هدايا مما اشتُهي من زخرف الدنيا وملذات الحياة.

ويحكم تتهمون الطود الشامخ والقرْم السامق زورا بالدعاء على أبناء موريتانيا إن هم هاجروا لطلب لقمة العيش في الغرب وغابات بلاد الروم والعم سام ”إنكم لفي ضلال مبين”.

إنكم لتصطادون في الماء العكِرْ، وبتفكير مكِرْ، وبعقلٍ سكِرْ.

ما هذا المذهب بخُلق لمحمدْنَ ولا ديدن له في مسيرة الخمسة عقود من خدمة هذا الشعب والذود عن حياضه- حفظه الله وأطال عمره ومسّكنا وإياه بالسنة عند فساد الأمة-.

لم يقل محمدْنَ -يا هؤلاء- إلا أن من هاجر من شباب موريتانيا يبيع دينه بعرض من الدنيا لا يسر الله أمره، ولا حقق مسعاه.

نعم. دعا على تلك الفئة الضالة وحدها، وإنا وإياكم مؤمّنون… أو ليس أمثال أولئك يستحق غير الدعاء بالبوار، إلى أن يعودوا إلى رشدهم، أو نخسرهم غير مأسوف عليهم؟!

والآن أقول لتلك الثلة التي نزلت لقاع اتهام الشيخ محمدْنَ إنكم لن تجحبوا الشمس بغربال، ولن تجنوا من نطح صخور الدعوة الكبار غير الغمة والدُّوارْ.

كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليوهنها**فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

فهم في الواقع معروفون، وتلك عادتهم “ولدينا وصفهم” في الشعرقديما:

إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا * * * مني وما سمعوا من صالح دفنوا
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به * * * وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا

كلمة أخيرة لمن أحسن الظن بشيخ الدعاة محمدْنَ واستمع إلى المقطع الصوتي كاملا غير مبتور، وقطع شكه السري باليقين، هنيئا لكم الصّحبة مريئا لكم حب الصالحين.

أما العبد المُنيب الراجي عفو ربه والدعاء الصالح من شيخه؛ فما يجد لسان حاله يردد غير:

أُحِبُّ الصالِحينَ وَلَستُ مِنهُم**لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَه

وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي** وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَه

عبدالرحمن المقري (دحمان)

كاتب صحفي