رسائل من رسالة الرئيس

لم يعط السياسيون رسالة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني حقها من التأمل، والاحتفاء. رغم أنها حملت رسائل غاية في الأهمية، والأولية.

1. لم يسبق أن عمّ رئيس الأحزاب السياسية في خطاب مكتوب موجه إليها جميعا دون تمييز بينها على أساس الموقف السياسي، وهو خطاب يحمل السمات ذاتها التي طبعت الحياة السياسية فترة حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني؛ فالأحزاب السياسية شركاء وطن، والحملة يجب ألا تخرق السكينة السياسية التي بذل الرئيس في سبيل تحقيقها الكثير من الجهد والوقت.

2. إن التهدئة في الحياة السياسية ليست صدفة ناتجة عن طبيعة النظام السياسي القائم، ولا الطبيعة الشخصية لفخامة الرئيس، بل هي وعد وإرادة، وجهد متواصل. لقد أودت الأزمة السياسية، التي استحكمت لعقود من الزمن، بكثير من مشاريع النماء والازدهار، وحرمت الوطن من فرص كثيرة للتطوير، والتنمية.

وقد نجح الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في وضع حد لها، أشهرا بعد تسلمه مقاليد الأمور. وقد كان مهد لهذا الحل خلال الحملة الانتخابية؛ فلأول مرة في تاريخ الحملات الانتخابية يقول مرشح رئاسي للمتجمعين حوله في مهرجان انتخابي مشهود: “إذا رأيتم أن أحد منافسي أصلح للوطن فانتخبوه”..

3. اعتادت الأحزاب وقياداتها، قبيل كل انتخابات أن تكون بين “متطرف” و”خائن” و”فاسد” وأحيانا “مأوى للمفسدين”. لكنهم في هذه الرسالة شركاء وطن يخاطبون على قدم المساواة خطاب تحميل للمسؤولية. كانوا شركاء في الإعداد للانتخابات، ووقعوا الاتفاقات مع الحكومة، وشاركوا في مختلف مراحل الإعداد. كانوا راضين تارة، وساخطين تارة أخرى، لكنهم كانوا شركاء، يستمع إليهم بعناية ويؤخذ رأيهم في كل القرارات.

أين كنا وأين صرنا؟ صدقوني؛ نحن في بلد مختلف، بقيادة رئيس مختلف. لا أحد كان يقدر أن تحل الأزمة السياسية التي مكثت أكثر من ثلاثين عاما، واكتوت كل مكونات المشهد الوطني بجمرها، دون ضحايا. وباحترافية فعلها الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، خارجا عن مألوف الرؤساء في هذا البلد، في التعامل مع النخب السياسية.

قدر الرئيس غزواني نضال المعارضين، ووفَّى الكبار وذوي الهيئات منهم حقوقهم في التوقير، والاحترام، وأنهى القطيعة معهم، فاستفاد البلد سكينة، وعافية سياسية اشتاقت إليها هذه الربوع ردحا من الزمن.

4. كانت رسالة الرسالة بشأن ابتعاد جهاز الدولة عن الصراع الانتخابي، وكف عصي التوجيه، وكبح نوازع التدخل، واضحة؛ فقد شددت الرسالة على نيل المواطن حق الاختيار كاملا، وهي إشارة جلية في تحرير المواطن من أي ضغوط قد تمارس عليه لتغيير قناعاته. ولكنها، وهذا هو الأهم، تترجم عمليا عن إرادة ناجزة في النأي بأعلى سلطة في الدولة عن معترك التنافس الانتخابي بين أبناء الوطن، وفاعليه السياسيين.

5. التقطت سلطات التحكيم، ومنها سلطة تنظيم الإشهار، الرسالة واضحة، ورتبت عليها ما يجب أن يترتب، فوقفت على نفس المسافة من جميع المتنافسين. وأشهد من موقع المسؤولية بعد شهرين من الإعداد، وأسبوع من انطلاق الحملات أن الإدارة الإقليمية تعاملت بمنتهى المهنية مع توزيع المساحات الإشهارية بين الفاعلين السياسيين، وكنا في السلطة حاضرين لتوزيع رخص الاستفادة من الحيز الإشهاري الخارجي، ولم نسجل شكاوى من أي فاعل سياسي جدي.

أعتقد أن القادم سيكون أفضل؛ فما دامت الرؤية واضحة، والإرادة متحققة، والعمل دائبا، فسنظل نخطو إلى الأمام، وسنقطع كل الطريق معا، بلا تشنج، ولا توتر.

محمد عبد الله لحبيب